المدونة
التعلق : الصنم الذي يعطل الحياة
- 21 ديسمبر، 2024
- Posted by: mahmodtalk.com
- Category: غير مصنف
قد يكون السبب الحقيقي وراء عدم التوفيق، الفشل في العلاقات، أو حتى التعثر المالي والصحي هو وجود شكل من أشكال الشرك الخفي في حياتك. هذا الشرك ليس عبادة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، بل هو التعلق بأشياء وأشخاص نعتقد أنها مصدر سعادتنا وأماننا.
اليوم سنعرف ما هو التعلق ؟ وكيف يؤثر سلبا على حياة الشخص ؟ وماهي الانفراجات والفتوحات التي تظهر عندما يتحرر من التعلق ؟ وأخيرا اقتراحات للتحرر من التعلق
ما هو التعلق العاطفي؟
التعلق هو حالة عاطفية تجعلنا نعتمد على شيء أو شخص خارجي كمصدر للسعادة والأمان، ونعتقد أن حياتنا ستنهار عند فقدانه.
أي شيء تتعلق به، تصنع منه صنم صغير في قلبك، وهذا شكل من أشكال الشرك الخفي، لذلك في الحديث “يا أيها الناس، اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل”.
التعلق ممكن أي شيء، مال، وظيفة، مكان معين، قريب او حبيب، كلام الناس، السمعة، السحر، العين، أمراض، الكواكب والأبراج (لا يزعلوا مني جماعة الأبراج لكن الحق مر)، تفسير الاحلام، الجماعة أو القبيلة، شيخ أو قبر
ليس فقط اشياء ملموسة، ممكن تكون متعلق بفكرة، او معتقد، او رغبة
أي شيء تتعلق به عاطفيا فأنت تصنع منه صنم صغير، وكلما زاد تعلقك كبرت الصنم، وهذا شكل من أشكال الشرك الخفي
ممكن يكون الشخص مؤمن لكن في داخله شرك خفي، وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ
لكن لا تخاف، فك التعلق هو جزء من اختبارك، جزء من رحلتك لزيادة الإيمان، والوعي، وتحسين جودة حياتك
حتى تكون في الصورة، التعلق العاطفي شيء مختلف عن الحب، وهذا موضوع آخر قد اكتب فيه إن أراد رب العالمين
كيف يؤثر التعلق على حياتك؟
-
يعيق ويعطل تحقيق نواياك ورغباتك:
أي نية وهدف تشعر بالتعلق تجاهه، ستزيد من احتمال تأخيره، أو فقدانه، رغم كل الجهد والسعي، بل قد تزيد من احتمال تجلي ما تخاف منه
لذلك في الحديث القدسي : أنا أغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ ، مَنْ عمِلَ عملًا أشركَ فيه معِيَ تركتُهُ وشِركَهُ
تخيل أنك تحاول إمساك حفنة من الرمل. إذا أرخيت يدك، يبقى الرمل ثابتًا في كفك، لكن إذا قبضت يدك بشدة خوفًا من فقدانه، سيتسرب الرمل من بين أصابعك. التعلق يشبه تلك القبضة المشدودة التي تضيع ما ترغب في تحقيقه
-
يتلاعب بك وبمشاعرك:
أي شيء تتعلق به فأنت تعطيه القدرة على التلاعب بك، تتخلى عن حريتك وتخضع، كأنك تعبده (العبادة هي الخضوع).
لذلك في الحديث : تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، وقس على ذلك تعس عبدالشهرة، تعس عبد فلان، تعس عبد فلانة
والشيء الذي تعبده سوف تدعوه (أي تطلب منه) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ
- تعيش في حالة غفلة
تعيش في حالة وعي منخفض، خوف وقلق، أفكار غير واقعية، قرارات خاطئة، بالتعبير القراني غفلة، ضلال “أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
علامات التعلق
الاسئلة التالية تساعدك على اكتشاف ما إذا كنت متعلقا بهدف أو شخص أو شيء
- هل تشعر بالقلق أو الانزعاج عند الابتعاد عنه أو عدم تحقيقه؟
- هل تعتمد سعادتك على وجوده في حياتك؟
- هل تجد صعوبة في تخيل حياتك بدونه؟
- هل تشعر بالخوف من فقدانه؟
- هل تسعى للحصول على التقدير أو القبول من خلاله؟
ماذا يحدث إذا تحررت من التعلق ؟
- سوف تستيقظ من الغفلة، يزداد وعيك وتأتيك الحلول والالهامات من حيث لا تحتسب
- ستكتشف أن هذا الشيء أو الشخص ليس له كل هذا التأثير الذي كنت تتخيله، وأنك خضعت لشيء ضعيف لا حول له ولاقوة، لا يخلقون شيئًا وهم يُخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا
- ستكتشف أن كل تصوراتك عن الشيء الذي أنت متعلقا فيه كانت مجرد أوهام، أوهام قد تكون من خيالك أو أخذتها من الوعي الجمعي، اتبرمجت عليها، مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
- يزيد الاطمئنان والسلام الداخلي
- يتجلى لك ما تريد أو خيرا منه، من حيث تحتسب أو من حيث لا تحتسب
في قصة إبراهيم واسماعيل عليهما السلام، ليس المقصود التضحية باسماعيل لكن التضحية بالتعلق
لذلك: “فلما أسلما” هنا التخلي والتسليم
ماذا كانت النتيجة؟ سلام على ابراهيم، وفديناه، وبشرناه، وباركنا عليه
اقتراحات عامة للتخلص من التعلق
- اعترف بينك وبين نفسك أنك متعلق بهذا الشيء أو الشخص
- اعرف أنك إذا لم تتحرر من التعلق بإرادتك وبوعي، فإنك غالبا سوف تتحرر منه بصدمة
- لذلك انوي التحرر من التعلق بوعي
- تعلم كيف تتحرر من المشاعر السلبية المرتبطة بالتعلق مثل الخوف وغيره، برنامج ديتوكس المشاعر يفيدك في ذلك
- كن صبورا، أحيانا التحرر من التعلق يتطلب وقت، اعطه الوقت الكافي
- استعن بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم